في كتاب البابا تواضروس الثاني..

سنوات من المحبة لله والوطن.. 10 رسائل مصرية للعالم من كنيسة ميلاد المسيح

الرئيس عبدالفتاح السيسي والبابا تواضروس الثاني
الرئيس عبدالفتاح السيسي والبابا تواضروس الثاني

فى كتاب البابا تواضروس الثانى «سنوات من المحبة لله والوطن» للزميلة الإعلامية شيرين عبدالخالق، يرصد البابا عشر سنوات من عمر الوطن شهدت فيها أحداث عصيبة مرت بها مصر كما شهدت إنجازات عظيمة تخطت بها سفينة الوطن الأمواج العاتية والعواصف القاسية مستعيدة أمنها وسلامتها.

لقد اختارت جريدة «اللواء الإسلامى» فصلاً واحداً.. أو إنجازاً واحداً توقفت عنده وهو قصة بناء وتشييد كنيسة ميلاد المسيح.. فى العاصمة الإدارية الجديدة باعتبارها تمثل روح الجمهورية الجديدة فى إعلاء قيم المواطنة والعيش المشترك والتسامح الدينى.

اقرأ أيضاً| كتاب مبين.. سورة المنافقون

لم يكن الافتتاح الجزئى لكنيسة ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية فى يناير 2018 سوى رسالة من مصر للعالم.. ليس فقط أنها تستطيع بل أنها استطاعت بالفعل وهاهى كنيسة ميلاد المسيح ومسجد الفتاح العليم، بل والعاصمة الإدارية نفسها ترسل الرسالة تلو الأخرى ليس للمصريين فقط بل للعالم أجمع.

فى كلمته فى الافتتاح الجزئى لكنيسة ميلاد المسيح، قال الرئيس عبدالفتاح السيسى: «أهنئكم على الافتتاح الجزئى للكاتدرائية وهى رسالة كبيرة ليس فقط للمصريين بل رسالة سلام للعالم كله.. إننا نقدم نموذجاً للمحبة والسلام.. وستخرج المحبة والسلام من مصر وسيعم العالم كله.. عمر الشر والخراب والقتل ما يقدر يهزم الخير والسلام والمحبة والإيمان.



أحب الناس تشوف المحبة والفرحة احنا واحد ومحدش يقدر يقسمنا أبداً.. مبسوط أننا موجودين وانتم فرحانين باشكركم على حفاوة الاستقبال وتحيا مصر بالمصريين.. كل سنة وأنتم طيبين».

تقليد غير مسبوق

والحقيقة أن الرئيس عبدالفتاح السيسى كان قد أرسى تقليداً غير مسبوق فى تاريخ الكنيسة القبطية هو زيارته الدائمة منذ عام 2015 للكاتدرائية لتهنئة أقباط مصر وهو التقليد الذى بات سنوياً للتهنئة بعيد الميلاد بل وقام بزيارة الكاتدرائية مرتين للتعزية.

الأولى فى فبراير عام 2015 للتعزية فى استشهاد 21 مسيحياً مصرياً فى ليبيا على يد تنظيم داعش الإرهابى، والثانية عام 2016 للتعزية فى ضحايا التفجيرات الإرهابية بطنطا.

وفى عام 2016 صدر قانون بناء وترميم الكنائس بعد موافقة مجلس النواب عليه وبموجبه وصل عدد الكنائس التى تم توفيق أوضاعها نحو 3 آلاف كنيسة ومبنى خدمى.

أكبر كاتدرائية

وفى عام 2018 افتتح الرئيس أكبر كاتدرائية فى الشرق الأوسط- كاتدرائية ميلاد السيد المسيح بالعاصمة الإدارية- كما وجه سيادته بتحمل الدولة إنشاء كنائس للطوائف المسيحية فى المدن الجديدة مؤكداً ضرورة إنشاء كنيسة بجوار كل مسجد فى المدن الجديدة التى تم بناؤها فى كل المحافظات.

ميلاد الجمهورية الجديدة

وفى كتاب البابا تواضروس الثانى: «سنوات المحبة لله والوطن» للكاتبة شيرين عبدالخالق، يروى قداسة البابا قصة السنوات الصعبة التى عاشتها مصر فى زمن الإخوان، فقد انطلقت كتائبهم المسلحة تحرق وتدمر الكنائس المصرية والتى وصل عددهم عند فض اعتصام رابعة إلى 100 كنيسة.

ويقول البابا: مخاض صعب سبق ميلاد الجمهورية الجديدة وفترة اختبار قاسية وتحد تاريخى غير مسبوق حاول المصريون خلال هذا العام إثبات عبقرية المكان والزمان ليثبتوا أمام العالم أنهم قدر التحدى فهم أمة ضاربة فى أعماق التاريخ وشعب يمتلك إرادة صلبة تتحدى الإرهاب.. وقد كانت الكاتدرائية المرقسية بالعباسية شاهدة على عام المخاض ما بين دماء لم تجف على بُعد خطوات وما بين رؤساء وزعماء يألون إليها ولقاءات مثمرة جمعتنى بضيوف مصر.

كانت مصر على أبواب جديدة عام 2017

مع بداية العام كانت الإرادة السياسية مشغولة فى بناء مصر الجديدة من خلال إعلان الرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس الجمهورية عن إنشاء أكبر مسجد وكنيسة بالعاصمة الإدارية الجديدة، وأن الصلاة ستكون فى عام 2018 فى أكبر كنيسة بالعاصمة الإدارية.

كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لى.. ففى أيام الأعياد تكون هناك بروتوكولات واستقبالات وطقوس خاصة تجعلنى إلى حد ما مشدوداً.

وفى هذا العام- 2017- أصبح وجود سيادة الرئيس بيننا عادة ونعرف مسبقاً بها، وتم الاتفاق مع الرئاسة على انتظار السيد الرئيس الساعة الثامنة والنصف وبصحبتى الآباء والأساقفة لندخل سنويا وقد حدث هذا بالفعل.

وحينما صحبت سيادة الرئيس من مدخل الكاتدرائية أخذت أشرح له باختصار وأشرت إلى معهد الدراسات ومكان الكنيسة البطرسية التى حدث بها التفجير الإرهابى.. وأشرت إلى السقالات التى تملأ المكان.. وأخبرت سيادة الرئيس بأننا العام القادم 2018 سنحتفل بمرور خمسين عاماً على بناء الكاتدرائية المرقسية فى العباسية.. وفى هذه اللحظة علق الرئيس مبتسماً وقال لى: «سأعلن مفاجأة بالداخل».

ودخلنا بالفعل للكاتدرائية ولمكان الصلاة وسط الترانيم وهتاف وفرحة كبيرة من المصلين.. ثم تحدث الرئيس مهنئاً الحضور بالعام الجديد وبمناسبة أعياد الميلاد وأعلن عن بناء أكبر مسجد وكنيسة بالعاصمة الإدارية الجديدة.. وأنه أول المتبرعين لبنائهما وقال: سنصلى هناك العام القادم إن شاء الله.

معجزة معمارية

وبقدر سعادتى بهذا الإعلان وتوقيته واختيار أن يكون من الكاتدرائية التى تستعد لاحتفالها بمرور خمسين عاماً العام القادم بقدر تعجبى وتخوفى فاالكاتدرائيات الضخمة فى العالم تأخذ مئات السنين وليس عاماً واحداً ممثلاً كاتدرائية نوتردام التى أدمى حرقها العالم أخذت 200 عام، ولكننى تفاءلت خيراً وكانت المعجزة أن نصلى فى الدور الأول عام 2018.

ويضيف قداسة البابا: ومع احتفالنا بمرور خمسين عاماً على افتتاح الكاتدرائية المرقسية بالعباسية لم يكن أحد يتخيل أنه فى عام واحد فقط ينتهى فى أكثر من ثلاثة أرباع الكاتدرائية الجديدة بالعاصمة الإدارية كما وعد سيادة الرئيس.. رغم أن الكاتدرائيات الكبيرة على مستوى العالم يستغرق بناؤها عشرات بل مئات السنين.. وحتى يتم هذا الأمر كان وراؤه جهدا وتفاصيل كبيرة بدءاً من الاسم (ميلاد المسيح) وأنا الذى اخترته لتكون كاتدرائية العاصمة الإدارية هى أول كنيسة فى مصر تحمل هذا الاسم وهو اسم جميل وجذاب ويحمل فرحة الميلاد.

رسوم هندسية

ويستكمل البابا: ومن التفاصيل الملهمة أيضاً فى قصة كاتدرائية ميلاد السيد المسيح الرسم الهندسى الخاص بها، فبعد إعلان السيد الرئيس فى العام السابق عن أكبر كاتدرائية ومسجد بالعاصمة الإدارية قيل من باب إنجاز الوقت نأخذ الرسم الهندسى للكاتدرائية المرقسية بالعباسية، كاتدرائية العباسية بها أثنى عشرة عموداً ومبنية منذ خمسين عاماً وكنت أريد الكاتدرائية الجديدة بلا أعمدة ومستوى الرؤية بها مفتوح، وأثناء مناقشتى مع المسئولين عن الرسم الهندسى قالوا لى: كيف نقيمها بلا أعمدة؟ فقلت لهم: هذه أمور هندسية.

وتركت لهم فرصة التفكير إلى أن استقر الأمر على تطوير تصميم كنيسة أثرية كانت موجودة بالساحل الشمالى فى القرن الرابع الميلادى.. وهى تعد من الآثار حالياً إلى أن وصلنا إلى الشكل الحالى المميز بالنمط  الأثرى وعدم وجود أعمدة بها مما جعل من كاتدرائية ميلاد المسيح تحفة معمارية ستتحاكى بها الأجيال فيما بعد.

وفى كل مرحلة من مراحل البناء كنت أقف على جميع التفاصيل الدقيقة من الألوان والأيقونات والتصاميم الداخلية.

زيارات عديدة

وقد قمت بزيارة الموقع أكثر من مرة وكذلك السيد الرئيس قام بزيارة الموقع مرات متعددة مما كان له بالغ الأثر فى سرعة التنفيذ وهذا يجعل ما حدث فى كاتدرائية ميلاد المسيح على مدار عام واحد معجزة حقيقية بكل المقاييس.

وانتهى العمل فعلياً بالدور الأول ليصدق وعد الرئيس ونصلى قداس عيد الميلاد لأول مرة.. لتكون الكاتدرائية الجديدة أول بناء مضاء أوشك على الانتهاء بالعاصمة الإدارية الجديدة حاملاً معه روح الجمهورية الجديدة.

كانت كلمات الرئيس السيسى فى افتتاحها، كلمات خرجت من القلب لتدخل القلوب دون حواجز.

ويختتم البابا كلامه: وفى هذا السياق أود أن أشيد بالدور البطولى الذى قام به رجال الهيئة الهندسية وكل العمال والفنيين وإنجازهم لهذا العمل بهذه الدقة والجمال لتشهد مصر كلها بعد 50 عاماً من افتتاح الكاتدرائية المرقسية بالعباسية افتتاح كاتدرائية ميلاد المسيح من عاصمة مصرالجديدة.